الشرك بالله
الكبيرة الأولى :
فأكبر الكبائر الشرك بالله تعالى و هو نوعان : أحدهما ـ أن يجعل لله نداً و يعبد غيره من حجر أو شجر أو شمس أو قمر أو نبي أو شيخ أو نجم أو ملك أو غير ذلك ، و هذا هو الشرك الأكبر الذي ذكره الله عز و جل قال الله تعالى : " إن الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء " و قال الله تعالى : " إن الشرك لظلم عظيم " . و قال الله تعالى : " إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة و مأواه النار " .
و الآيات في ذلك كثيرة .
فمن أشرك بالله ثم مات مشركاً فهو من أصحاب النار قطعاً ، كما أن من آمن بالله و مات مؤمناً فهو من أصحاب الجنة و إن عذب بالنار .و في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ـ ثلاثاً ـ قالوا : بلى يا رسول الله قال : الإشراك بالله و عقوق الوالدين ، و كان متكئاً فجلس فقال : ألا و قول الزور ، ألا و شهادة الزور " فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت . و قال صلى الله عليه و سلم " اجتنبوا السبع الموبقات " فذكر منها الشرك بالله ، و قال صلى الله عليه و سلم " من بدل دينه فاقتلوه " الحديث .
و النوع الثاني من الشرك : الرياء بالأعمال كما قال الله تعالى : " فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً و لا يشرك بعبادة ربه أحدا " .
أي لا يرائي بعمله أحداً . و قال صلى الله عليه و سلم : " إياكم و الشرك الأصغر ، قالوا يا رسول الله و ما الشرك الأصغر ؟ قال : الرياء . يقول الله تعالى يوم يجازى العباد بأعمالهم اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤونهم بأعمالكم في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء " و قال صلى الله عليه و سلم " يقول الله : من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري فهو للذي أشرك و أنا منه بريء " . و قال " من سمع سمع الله به و من رايا رايا الله به " . و عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله تعالى عليه و آله و سلم قال : " رب صائم ليس له من صومه إلا الجوع و العطش ، و رب قائم ليس له من قيامه إلا السهر " يعني أنه إذا لم يكن الصلاة و الصوم لوجه الله تعالى فلا ثواب له ، كما روي عنه صلى الله عليه و سلم أنه قال : " مثل الذي يعمل للرياء و السمعة كمثل الذي يملأ كيسه حصى ثم يدخل السوق ليشتري به ، فإذا فتحه قدام البائع فإذا هو حصى و ضرب به وجهه ، و لا منفعة له في كيسه سوى مقالة الناس له ما أملا كيسه و لا يعطي به شيئاً . فكذلك الذي يعمل للرياء و السمعة فليس له من عمله سوى مقالة الناس و لا ثواب له في الآخرة " . قال الله تعالى : " و قدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثورا " . يعني الأعمال التي عملوها لغير وجه الله تعالى أبطلنا ثوابها و جعلناها كالهباء المنثور و هو الغبار الذي يرى في شعاع الشمس . و روى عدي بن حاتم الطائي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " يؤمر بفئام ـ أي بجماعات ـ من الناس يوم القيامة إلى الجنة حتى إذا دنوا منها و استنشقوا رائحتها ، و نظروا إلى قصورها و إلى ما أعد لأهلها فيها ، نودوا أن اصرفوهم عنها فإنهم لا نصيب لهم فيها فيرجعون بحسرة و ندامة ما رجع الأولون و الآخرون بمثلها ، فيقولون : ربنا لو أدخلتنا النار قبل أن ترينا ما أريتنا من ثواب ما أعددت لأوليائك كان أهون علينا . فيقول الله تعالى : ذلك ما أردت بكم . كنتم إذا خلوتم بارزتموني بالعظام ، و إذا لقيتم الناس لقيتموهم مخبتين تراؤون الناس بأعمالكم خلاف ما تعطوني من قلوبكم . هبتم الناس و لم تهابوني و أجللتم الناس و لم تجلوني ، و تركتم للناس و لم تتركوا لي ـ يعني لأجل الناس ـ فاليوم أذيقكم أليم عقابي مع ما حرمتكم من جزيل ثوابي " . و سأل رجل رسول الله ما النجاة ؟ فقال صلى الله عليه و سلم : " أن لا تخادع الله . قال : و كيف يخادع الله ؟ قال : أن تعمل عملاً أمرك الله و رسوله به و تريد به غير وجه الله . و اتق الرياء فإنه الشرك الأصغر ، و إن المرائي ينادى عليه يوم القيامة على رؤوس الخلائق بأربعة أسماء : يا مرائي ، يا غادر ، يا فاجر ، يا خاسر ضل عملك و بطل أجرك ، فلا أجر لك عندنا ، اذهب فخذ أجرك ممن كنت تعمل له يا مخادع " . و سئل بعض الحكماء رحمهم الله من المخلص : فقال : المخلص الذي يكتم حسانته كما يكتم سيئاته . و قيل لبعضهم : ما غاية الإخلاص ؟ قال : أن لا تحب محمدة الناس . و قال الفضيل بن عباس رضي الله عنه : ترك العمل لأجل الناس رياء ، و العمل لأجل الناس شرك ، و الإخلاص أن يعافيك الله منهما . اللهم عافنا منهما و اعف عنا
منقول من كتاب الكبائر للشيخ محمد بن احمدالذهبى